رأي: دعم مبادرات الاقتصاد الأخضر في أفريقيا من خلال التجارة الدولية

رأي: دعم مبادرات الاقتصاد الأخضر في أفريقيا من خلال التجارة الدولية

تعمل المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة (ITFC) منذ العام 2008 على تعزيز وتنمية تمويل التجارة في دول منظمة التعاون الإسلامي. وتعتمد معظم الدول الأعضاء في المنظمة، وغالبيتها تقع في القارة الأفريقية، على القطاع الزراعي كمصدر رئيسي لدفع عجلة نمو وازدهار اقتصاداتها.

ومع أن القطاع يأتي من بين أكثر القطاعات عرضة للتغير المناخي، فإن الفرص التي يتيحها الاستثمار في الاقتصاد الأخضر في أفريقيا تعد هائلة بالفعل. وبهدف تعريف الدول الاعضاء في منظمة التعاون الإسلامي على الإمكانات الاقتصادية الهائلة للقارة وإرساء دعائم علاقات تعاون أكثر قوة وترابطاً، ستستمر إفريقيا في نيل الحصة الأكبر من الاهتمام والأولوية في استراتيجية التمويل المستدام التي ستنتهجها المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة (ITFC) على مدى السنوات العشر القادمة.

دور التمويل التجاري الإسلامي في تعزيز الزراعة المستدامة والأمن الغذائي

إن آليات التمويل العالمي المتنوعة القائمة لم تكن فعالة بالضرورة من حيث تلبية احتياجات أفريقيا، وهذا هو المجال الذي من الممكن للتمويل التجاري الإسلامي أن يحدث فرقاً كبيراً فيه بحيث يكون له دور استراتيجي رئيسي. في مؤتمر الأمم المتحدة COP22 حول التغير المناخي المنعقد في مراكش للعام 2016، عقدت المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة (ITFC) والبنك الإسلامي للتنمية (ISDB) ندوة حول "التجارة الدولية والتغير المناخي" لتسليط الضوء على الصلات التي تربط بين التجارة والتغير المناخي وكيف أن السياسات التجارية المطبقة من قبل أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي لها تأثير على التغير المناخي والبنية التحتية المادية التي تقوم عليها التجارة.

ومنذ ذلك الحين، تسعى المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة (ITFC) بشكل دؤوب إلى التعاون مع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لتعزيز التجارة الدولية المستدامة ودورها في تمويل الاقتصادات الخضراء. وفي عام 2017، قامت المؤسسة المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة (ITFC) بضخ مبلغ 826 مليون دولار أمريكي في مجموعة من مبادرات تمويل التجارة المصممة لدعم القطاعات المهمة استراتيجياً في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (SSA)، مثل قطاع القطن والفول السوداني والقهوة. ومن بين هذه المبادرات برنامج جسور التجارة العربية الأفريقية (AATB)، الذي تم إطلاقه في فبراير 2017 في المغرب بهدف تشجيع المزيد من التعاون بين الدول الافريقية و الدول العربية خاصة في مجال النمو المستدام للزراعة الأفريقية وتعزيز الأمن الغذائي العالمي.


يعتبر القطن في غرب إفريقيا من السلع الأساسية والمحاصيل التي تدر دخلاً نقدياً كبيراً على المزارعين، وهذا بدوره ينعكس إيجاباً على حياة الناس ومستوى معيشتهم. كما تعد ثقافة القطن بمثابة ضمان للأمن الغذائي الريفي حيث يستخدم المزارعون بعض المدخلات الزراعية المتاحة، كالأسمدة والمبيدات الحشرية، لا لدعم وتعزيز زراعة القطن وحسب، بل أيضاً لتنمية المحاصيل الغذائية الأخرى. ويمثل القطن، الذي يطلق عليه لقب "الذهب الأبيض"، أداة مهمة للتصدير وتحقيق الإيرادات للمنطقة، ومن ثم فهو أداة فاعلة في التخفيف من وطأة الفقر. ولهذه الأسباب، كان من ضمن الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة (ITFC) منذ تأسيسها إطلاق مبادرات لتطوير وإحداث تحول حاسم لقطاعات القطن في المنطقة من خلال توفير تمويل المرابحة التجارية وخلق روابط مباشرة بين المصدرين والمستوردين في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.


بالإضافة إلى الاستثمارات المالية، تدعم المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة (ITFC) العديد من المبادرات الفنية المصممة لتأسيس قطاع قطن أكثر قوة واستدامة في المنطقة. وتشمل هذه المبادرات:

مشروع خصوبة التربة من خلال برنامج جسور التجارة العربية الأفريقية (AATB)، الذي يهدف إلى تعزيز خصوبة التربة في مناطق زراعة القطن؛
مشروع ربط تجارة القطن، الذي يهدف إلى إنشاء علاقات مباشرة تربط المصدرين في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مع مستوردي القطن في آسيا، وبالتالي الاستغناء عن خدمات الوسطاء المكلفة وتعزيز إيرادات المصدرين الأفارقة؛
مشروع DEDICOT، وهو شراكة بين المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة (ITFC) مع المنظمة الدولية للبلدان الناطقة بالفرنكوفونية (OIF) لتعزيز تجارة القطن والاستثمار بين دول غرب أفريقيا المنتجة للقطن والمغرب المصنعة للقطن.


اعتمدت المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة (ITFC)، حتى تاريخه 21 عملية تمويل تجارة لصالح شركات في قطاع القطن في غرب أفريقيا، وتحديداً في بنين وبوركينا فاسو والكاميرون وكوتديفوار ومالي. وبوجه عام، بلغ إجمالي تمويل المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة (ITFC) في قطاع القطن أكثر من 1.4 مليار دولار أمريكي حتى تاريخه في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (SSA).

المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة (ITFC) وخطط السنوات العشر المقبلة لتنمية التجارة وتحسين حياة الناس في أفريقيا

مما لا شك فيه أن التمويل التجاري الإسلامي يلعب دوراً حاسماً في دعم نمو وازدهار الاقتصاد الأخضر في إفريقيا. كما يوفر تمويل المرابحة أقصى قدر من الشفافية على أساس التكلفة إلى الربح، والذي يتيح بدوره منصة تمويل ثابتة وراسخة. وتعد تمويلات المرابحة الطريقة الأكثر رسوخاً وثباتاً لجمع رأس المال، دون التعرض لمخاطر التقلبات في الأسعار والمشكلات المحتملة ذات الصلة بالتقلبات التي تشهدها الأسواق العالمية. وبالنسبة للحكومات و / أو الشركات المملوكة من قبل الحكومة وشركات القطاع الخاص الناشطة في قطاعات التصدير الرئيسية، مثل القطن والبن والقمح والنفط، فإن هذا النهج في الواقع ينطوي على ميزة كبيرة.

ومن خلال الاستمرار في توفير سبل الدعم المستدام لديها عن طريق تقديم تسهيلات التمويل المتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، تمكّنت المؤسسة من تعزيز أنشطة التجارة بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي (OIC) بشكل ملحوظ، ومن ثم إتاحة أدوات مهمة للمساهمة في تخفيف وطأة الفقر، وكذلك توفير بيئة خصبة لنمو الشركات الناشئة وخلق المزيد من فرص العمل.

وستظل أفريقيا، لا سيما منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (SSA)، تشكل أولوية قصوى ضمن استراتيجية التنمية المستدامة التي تنتهجها المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة (ITFC) والمزمع تنفيذها على مدى السنوات العشر القادمة. وعلى غرار العديد من المناطق الأخرى في سائر أنحاء العالم، تواجه أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (SSA) تحديات لايستهان بها، وليس اقلها تلك التي تتعلق بتزايد تعدادها السكاني من شريحة الشباب وغيرها من تحديات التنمية التي منها على سبيل المثال، لوجيستيات التجارة والبنية التحتية والطاقة والاتصال.

وفي هذا العام، ستطرح المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة (ITFC) برنامج دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في دول غرب أفريقيا. وقد صُمم هذا البرنامج بهدف سد النقص الكبير في أنشطة التمويل التجاري على مستوى قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة، وذلك من خلال تقديم عروض التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية للشركاء من البنوك وكذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا (WAEMU)، ومن ضمنها على وجه الخصوص، جمهورية بنين وبوركينا فاسو وساحل العاج و جمهورية غينيا بيساو ومالي والنيجر والسنغال وتوغو. هذا وسيتم إجراء طرح أولي تجريبي للبرنامج في بوركينا فاسو، تليها طرح تجريبي آخر في السنغال. وستترافق هذه الأنشطة، على مدى الأشهر والسنوات المقبلة، مع دورات تدريبية على مهارات بناء القدرات تقدم لمجموعة مختارة من الشركات الصغيرة والمتوسطة بالإضافة إلى الموظفين في مقرات البنوك الشريكة، وذلك من أجل جعل تلك الشركات أكثر قبولاً وكفاءة في التعاملات المصرفية، وبالتالي تحسين فرص الاستفادة من تسهيلات التمويل المخصصة لإرساء دعائم اقتصاد أكثر مراعاة للبيئة.

 

المصدر: arabic.arabianbusiness